ولم رضيت أن تكون الأعمى ؟ !!
خرج رجل من الصوفية إلى الخلاء يعبد الله ، فوجد في الصحراء على الأرض غراباً أعمى مكسور الجناح ، فوقف يتأمل ويقول : سبحان الله ! غراب أعمى مكسور الجناح وفي الصحراء ! من أين يأكل ويشرب وكيف يعيش ؟!
فبينما هو ينظر إذ جاء غراب آخر فوقف ففتح الغراب الأعمى فمه ، فأطعمه الغراب الآخر في فمه وسقاه حتى شبع .
تعجب الرجل وقال : سبحان الله ! .. والله لقد أراني الله آية.. أبعد هذا أسعى من أجل الرزق .. وأوى إلى كهف فأقام فيه ، فسمع به عالم فسأل عن مكانه ، فقالوا: أوى إلى كهف يتعبد ، فمضى إليه وقال له : ما الذي حملك على ما صنعت ؟ فحكى له قصة الغراب ، فقال له : سبحان الله !
ولم رضيت أن تكون الأعمى ؟ !!
سبحان الله العظيم ، كم في هذه القصة من فوائد .. منها : تصديق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها ، فرُب مُبلغ أوعى من سامع ).
فالله أرى الآية للرجل الأول , وأما الثاني فسمع بها فقط ولكنه انتفع بها أكثر من الأول ، فكان أفضل من الأول ، فلم لا تكون الأفضل ؟!
لماذا ترضى ان تكون الأعمى ؟ لم لا تكون أنت المبصر وتطعم العُمي ؟ لم ترضى الدنية ؟ لم تؤثر النوم والكسل ؟!
هذا هو الواقع الآن في الأمة ، فشبابها اليوم يفضلون العمى ، يريدون أن يناموا وغيرهم يعمل لهم ، ينتظرون من يحمل عنهم همومهم ، ويحل لهم مشاكلهم .
نعم - إخوتاه - كثير من يطالب دائماً بحقوقه ولا يلتفت إلى واجباته .. فقبل أن تطالب بحقك أد ما عليك من واجب ، ولا شك أن أول الواجبات علينا أنفسنا ..
وللأسف الشديد تجلس مع بعض الإخوة فتجد أحدهم يقول : أنا خائف على الأخ فلان ، لأنه ظل أياماً لم يصلي الفجر . أقول له : خف أنت على نفسك .
نعم : لا مانع أن نخاف على إخواننا ، ولكن لا ينبغي أن ننشغل بعيوبهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يرى أحدكم القَذَاةّ في عين أخيه ، ولا يرى الجذع في عين نفسه ) أخرجه ابن حبان والبخاري.
فإذا كنت يا هذا صادقاً في كلمتك (( أخاف على فلان )) فاذهب إليه سراً ، وابحث عنه لعله متورط في مشكلة ، لعل له عذراً ، اذهب إليه وساعده على القيام للصلاة ، وإلا فاكفه شرك ، ولا تعن الشيطان عليه ، وانشغل بنفسك فهذا أولى بك .
الزم نفسك وألزمها طاعة الله .. احمل هم نفسك ، فهذا أصل من الأصول المهمة .. وليسعك بيتك .. انشغل بإصلاح قلبك ، وأَمر صلاتك ، وذكرك لله ، وحفظك للقرآن ، وتعلمك للعلم ، ودعوتك إلى الله ، وتربية أولادك وأهل بيتك على الكتاب والسنة .. وليسعك بيتك
(( من كتاب أصول الوصول إلى الله تعالى لفضيلة الشيخ محمد حسين يعقوب ))
فعلينا إخوتي في الله أن نبدأ بإصلاح أنفسنا أولاً ، ثم ننشغل بالآخرين