رغم اعتقاد إسرائيل بأن مجزرة أسطول الحرية كان من شأنها منع سفن الإغاثة من الإبحار باتجاه غزة ، إلا أن العكس هو الذي حدث ، حيث لا يمر يوم إلا ويعلن أحرار العالم عن تحدي تل أبيب عبر إرسال المزيد من السفن وكان آخرها "الأمل" .
ففي 10 يوليو / تموز ، وجدت إسرائيل نفسها في مأزق جديد بعد الإعلان عن انطلاق سفينة مساعدات ليبية أطلق عليها "الأمل" باتجاه قطاع غزة ، ورغم تهديداتها بمنع السفينة من الوصول إلى وجهتها بكافة الطرق ، إلا أن هذا لم يمنع السفينة من الإبحار ، ولذا سارعت تل أبيب للتحرك دبلوماسيا على كافة الصعد لإنقاذها من ورطتها الجديدة .
وكانت البداية هي المسارعة لطلب النجدة من الأمم المتحدة ، حيث وجهت رسالة للمنظمة الدولية طالبتها فيها بالتدخل لدى الحكومة الليبية لوقف مغادرة السفينة من ميناء لافريو اليوناني باتجاه غزة .
وزعمت سفيرة إسرائيل لدي الأمم المتحدة جابرييلا شاليف في الرسالة أن إسرائيل تحتفظ لنفسها بموجب القانون الدولي بحق منع وصول السفينة وانتهاك الحصار البحري المفروض على قطاع غزة ، واصفة دوافع منظمي الرحلة بأنها " مثيرة للشك واستفزازية".
وفي السياق ذاته ، ذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن وزير الحرب إيهود باراك أجرى اتصالا هاتفيا يوم السبت الموافق 10 يوليو مع مدير المخابرات العامة المصرية اللواء عمر سليمان حيث بحث معه موضوع السفينة الليبية التي تسعى لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة .
وأضافت الإذاعة الإسرائيلية أن الاتصال الهاتفي تناول احتمال موافقة السلطات المصرية على وصول السفينة إلى ميناء العريش المصري ، موضحة أن باراك أكد خلال الاتصال أن تل أبيب لن تسمح بدخول السفينة إلى ميناء غزة .
وبعد ساعات من الاتصالات السابقة ، أعلنت إسرائيل عن التوصل لاتفاق مع اليونان لتحويل مسار سفينة "الأمل" الليبية إلى ميناء العريش المصري .وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية إن وزير الخارجية افيجدور ليبرمان أجرى محادثات مع نظيريه اليوناني والمولدوفي بشأن تلك المسألة ، موضحا أن السفينة لن تصل إلى سواحل غزة نتيجة لتلك المحادثات ، إلا أنه سرعان ما خرج قائد سفينة "الأمل" لينفي صحة ما سبق ، مؤكدا أن السفينة بدأت بالإبحار باتجاه سواحل غزة .
سفينة الأمل
ولم يقف الأمر عند ما سبق ، بل إن السفينة انطلقت في الموعد المحدد سلفا ، حيث كان من المقرر أن تغادر السفينة المستأجرة من قبل جمعية خيرية يرأسها سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي معمر القذافي ميناء لافريو اليوناني باتجاه غزة يوم السبت الموافق 10 يوليو / تموز .
والسفينةامل تحمل على متنها 2000 طن من المساعدات الغذائية والأدوية ، بالإضافة إلى عدد من النشطاء الحريصين على التعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني ، وقال يوسف سواني مدير المنظمة الخيرية التابعة لمؤسسة القذافي العالمية للتنمية التي يرأسها سيف الإسلام القذافي :"نحن نبذل ما في وسعنا لأن هذه هي مسئوليتنا وإذا قال الجميع إنهم لن يسمحوا بوصول السفينة فإن شعب غزة سيظل يعاني من المجاعة".
ورغم أن إسرائيل مارست كافة أشكال الضغوط والابتزاز لمنع سفينة "الأمل" وقبلها سفن أسطول الحرية من الوصول إلى سواحل غزة ، إلا أنها لم تنجح في هذا الأمر ، فهناك أساطيل جديدة تستعد للقيام برحلات مماثلة ، وهو الأمر الذي سيجبر تل أبيب في نهاية المطاف على إنهاء الحصار غير القانوني المفروض منذ 4 سنوات على قطاع غزة .
أسطول الحرية 2
وكانت "الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة" كشفت النقاب في 5 يوليو عن أنها تلقت حتى الآن نحو عشرة آلاف طلب من مختلف أنحاء العالم للمشاركة في "أسطول الحرية 2" المتوقع أن يبحر إلى قطاع غزة خلال أسابيع قليلة.
ووفقا لرئيس "الحملة الأوروبية" عرفات ماضي ، فإن الأسطول المقبل سيحمل العديد من المفاجآت للإسرائيليين من بينها مشاركة سبع سفن من دول أوروبية في الأسطول هي سويسرا وإيطاليا وبريطانيا وهولندا والنمسا وفرنسا واليونان ، كما أنه سيكون الأسطول الأكبر من حيث عدد السفن المشاركة والأضخم من حيث عدد المشاركين إذ سيكون من بين السفن المشاركة ثلاث سفن شحن ركاب كبيرة بحجم سفينة مرمرة التركية التي شاركت في الأسطول الأول.
وتابع ماضي أن هذا العدد من المتضامنين من مختلف الجنسيات يؤكد أن ما فعله الاحتلال الإسرائيلي ضد "أسطول الحرية " زاد من إصرار وعزيمة الأحرار في العالم من أجل كسر الحصار المفروض على قطاع غزة .
وفي ضوء ما سبق ورغم تأكيد وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك في 5 يوليو خلال اجتماع للجنة الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي أن تل أبيب لن ترفع الحصار البحري عن قطاع غزة ، فإن حكومة نتنياهو ستجد نفسها أمام خيارين إما إنهاء هذا الحصار البحري بصورة طوعية أو الإقدام على مجزرة جديدة مماثلة لتلك التي ارتكبتها ضد "أسطول الحرية 1 " في 31 مايو الماضي وبالتالي تأليب العالم ضدها أكثر وأكثر .
بل إن مماطلتها في إنهاء هذا الحصار قد يكلفها ثمنا فاحا وهو قيام تركيا بقطع العلاقات الدبلوماسية معها وهذا ما ظهر واضحا في تصريحات أدلى بها وزير الخارجية التركي أحمد داود أوجلو في 5 يوليو.
وكان أوجلو كشف لصحيفة "حرييت" التركية أن أنقرة ستقطع علاقاتها مع إسرائيل في حال أصرت الأخيرة على رفض الاعتذار عن الغارة التي شنتها قواتها على "أسطول الحرية" وما لم تعوض المتضررين وترفع الحصار عن غزة .
واستطرد أن بلاده أغلقت مجالها الجوي أمام جميع الرحلات العسكرية الإسرائيلية ردا على العدوان الإسرائيلي ، محذرا من احتمال توسيع نطاقه بحيث يشمل الرحلات المدنية أيضا .
وبالنظر إلى أن التصريحات السابقة تعتبر تأكيدا للموقف الذي عبرت عنه تركيا منذ مجزرة أسطول الحرية ، فإن علاقات تل أبيب وأنقرة قد تكون في طريقها للقطيعة النهائية ، ولذا لم يكن مستغربا أن يضغط الرئيس الأمريكي بارك أوباما على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو خلال لقائهما الأخير في البيت الأبيض للاعتذار لتركيا لكي لا تتضرر المصالح الأمريكية في المنطقة .
صور تجهيز سفينة الأمل
اسرائيل ف ورطة بسبب أمل القدافي