منتديات شموع الأصدقاء
بقلوب ملؤها المحبة
وأفئدة تنبض بالمودة
وكلمات تبحث عن روح الاخوة
نقول لكِ أهلا وسهلا
اهلا بكِ بقلوبنا قبل حروفنا
بكل سعادة وبكل عزة
فارجوا التسجيل
منتديات شموع الأصدقاء
بقلوب ملؤها المحبة
وأفئدة تنبض بالمودة
وكلمات تبحث عن روح الاخوة
نقول لكِ أهلا وسهلا
اهلا بكِ بقلوبنا قبل حروفنا
بكل سعادة وبكل عزة
فارجوا التسجيل
منتديات شموع الأصدقاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات شموع الأصدقاء

اهلا بكم في منتديات شموع الاصدقاء
 
الرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول    

 

 قصة سنوحي 2

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Hazem Gamal
Admin
Admin
Hazem Gamal


عدد المساهمات : 589
النقاط : 2438
السٌّمعَة : 51
تاريخ التسجيل : 13/07/2011
العمر : 24
الموقع : لكافة

قصة سنوحي 2 Empty
مُساهمةموضوع: قصة سنوحي 2   قصة سنوحي 2 Icon_minitimeالخميس أغسطس 18, 2011 7:35 am

قصة سنوحي The Tale of Sinuhe هي عمل من الأدب المصري القديم. وهي قصة تدور أحداثها بعد وفاة فرعون أمنمحات الأول, مؤسس الأسرة الثانية عشر في مصر , في مطلع القرن العشرين قبل الميلاد. وأغلب الظن أنها كـُتِبت مباشرة بعد هذا التاريخ, بالرغم من أن أقدم مخطوطة عـُثر عليها هي من عصر أمنمحات الثالث, ح. 1800 ق.م.وهناك جدل لا ينتهي بين علماء المصريات حول ما إذا كانت القصة مبنية على أحداث حقيقية لشخص حقيقي اسمه سنوحي ،والإجماع حالياً هو على أن القصة هي عمل روائي.

نفهم من النص ان سنوحي كان طبيبا لفرعون امفسيس الذي عاش في القرن العاشر قبل الميلاد وقد كتب مذكراته عن حياة هذا الفرعون وعن الشعب المصري الذي كان يعاني استبداد امفسيس، على الرغم من انه امضى 30 عاما في سوريا هاربا من فرعون مصر. في النص الهيروغليفي نجد العديد من القصص تقدم لنا صور مختلفة لمراحل مختلفة. .

احدى هذه النصوص تقول:

"" كنت امشي في شارع من شوارع مصر إذا بالرجل الوجيه الشريف
الثري المعروف (اخناتون) ملقى على الأرض مضرجا بدمائه
وقد قطعت يداه ورجلاه من خلاف وجدعت انفه وليس في بدنه مكان
إلا وفيه طعنة رمح أو ضربة سوط وهو قاب قوسين أو أدنى من
الموت فحملته إلى دار المرضى وجاهدت جهادا عظيما لإنقاذه من
الموت وبعد شهرين أو أكثر وعندما أفاق من غيبوبته قص على
قصته المحزنة المفجعة قائلا :
لقد أمرني الفرعون امفسيس إن أتنازل له عن كل شبر ارض
املكه وان أهبه أزواجي وعبيدي وكل ما املك من ذهب وفضه ,
فاستجبت لما أراد بشرط أن يترك داري التي اسكن فيها ومعشار
ما املكه من الذهب والفضة لاستعين بها على أودي ,فاستثقل فرعون
هذا الشرط واستولى على كل ما كان عندي ثم أمر بأن يفعل بي تلك
الأفاعيل الشنيعة وان أطرح في الشارع عاريا لأكون عبرة لمن
يخالف أوامر (أمفسيس ) ودارت الأيام وإخناتون المسكين يعاني
الفقر والحرمان وكل أمله في هذه الدنيا هو القصاص من الفرعون
الظالم ولو على يد غيره...
ومات فرعون وحضرت مراسيم الوفاة بصفتي كبير الأطباء فكان
الكهنة يلقون خطب الوداع ومطرين الراحل العظيم وكانت الكلمات
التي يرددونها لا زلت أتذكرها جيدا فقد كانوا يقولون :
(يشعب مصر لقد فقدت الأرض والسماء وما بينهما قلبا كبيرا
كان يحب مصر وما فيها من إنسان وحيوان ونبات وجماد كان للأيتام
أبا وللفقراء عونا وللشعب أخا ولمصر مجدا كان اعدل الإلهة وارحمهم
وأكثرهم حبا لشعب مصر وذهب امفسيس لكي ينضم إلى الإلهة
الكبار وترك الشعب في ظلام )
ويضيف (سنوحي):
وبينما كنت أصغي إلى كلام الكهنة ودجلهم في القول واندب حظ مصر
وشعبها المسكين الذي يرزح تحت سياط الفراعنة والكهنة معا,وبينما
كانت الجماهير المحتشدة التي للقي كل فرد منهم على حدة من بطش
فرعون وسياطه أذى وعذابا تجهش بالبكاء:سمعت صوت رجلا يبكي
كما تبكي الثكلى وصوت بكائه علا الأصوات كلها ويردد عبارات غير
مفهومه ,فنظرت مليا وإذا صاحب البكاء هذا هو ( إخناتون )المعوق
العاجز الذي كان مشدودا على ظهر حمار وأسرعت إليه لأهدئه بعض الشيء,
كنت ظننت انه يبكي سرورا وابتهاجا على وفاة ظالم ظلمه إلى حد الموت
والتعذيب, ولكن( اخناتون) خيب آمالي عندما قطع نظره علي وأخذ يصرخ
عاليا بقوله:
(ياسنوحي ...لم أكن أعلم أن أمفسيس كان عادلا عظيما بارا بشعبه الى
هذه ألمرتبه العظيمة إلا بعد أن سمعت ما قاله كهنتنا فيه. وها إنا ابكي
ياسنوحي لأنني حملت في قلبي حقدا على هذا الإله العظيم بدلا من الحب

والإجلال طوال سنوات عديدة, حقا لقد كنت في ضلال كبير) ويقول (سنوحي )
: وعندما كان اخناتون يكرر هذه الكلمات بأيمان راسخ كنت انظر إلى
أعضائه المقطوعة وصورته المشوهة وانأ حائر فيما اسمع وكأنه قرأ
مايدور في خلدي وإذا به يصرخ في بملء شدقيه
(لقد كان امفسيس على حق فيما فعله بي لأنني لم استجب إلى أوامر الإله
وهذا جزاء من كل يعصي الإله وأي سعادة أعظم للمرء من أن ينال جزاء
أعماله الذي يستحق على يد الإله لا على يد غيره )
من امفسيس هذا
فرعون من فراعنة مصر حكمها بالنار والحديد طوال عشر سنوات دخل
حرب خاسره مع بلاد النوبة الجارة , وقتل فيها خمس شعب مصر خرب
المزارع التي شنها ضد النوبة احرق العاصمة في إحدى ليالي مجونه كما فعل
بعده نيرون بسبعة قرون الذي احرق روما عاصمة الرومان , لقد كان عهد
امفسيس أسوا عهد عرفته مصر في تاريخ الفراعنة الذي حكموها مبتدئا
من الاسره الأولى حتى الأسرة الخامسة التي كان امفسيس أول إفرادها .
مات امفسيس وترك خرابا شاملا وشعبا ممزقا ومع هذا بكته الجماهير
المحتشدة متأثرة برثاء الكهنة وخطبهم ومن بين تلك الجماهير أخناتون المسكين .
انتهى النص

الرحلة وصاحبها:

الزمان يعود بنا الى حوالي ( 4000) سنة , ومصر الفرعونية كانت تحكم من اللأسرة الحادية عشرة , والعاصمة تحولت في عهد " أمنمحات الاول " من "طيبة" إلى " إثيت تاو" الواقعة في وسط البلاد الموحدة من الشمال إلى الجنوب.

لقد أدخل هذا الملك ذو الأنف الأفطس ( وهو النوبي من جهة الأم) , إصلاحات هامة في الدولة , وأنهى الخلافات على تسمية الملك بإشراكه أبنه " سنوسرت " مبكراً في تصريف شؤون الملك , وحقق " سنوسرت " لأبيه انتصارات مشهودة آخرها ضد الليبيين , وفجأة شاع نبأ وفاة " أمنمحات" ويعبر عن ذلك سنوحي في نصه بطريقته عن غيابه :
(في اليوم السابع من الشهر الثالث من فصل الفيضان , في السنة الثلاثين من حكم الملك ذهب الإله ملك الشمال والجنوب " أمنمحات الأول " إلى الأفق , وصعد إلى السماء حيث اتحد مع " أتون" قرص الشمس , واختلطت أعضاؤه بالإله الذي خلقها , فإذا القصر قد لفه الصمت والوجوم , واشتد الحزن بالقلوب , وأغلقت أبواب القصر , وجلس من ورائها رجال البلاط مطرقين , وقد انحنت منهم الرؤوس على الركب على حين طاف الناس من حولهم يبكون )


من هو سنوحي ولماذا يهرب بعيد وفاة " أمنمحات الاول" ؟

كان سنوحي الاب من وجهاء طيبة وملاّكها , وفي عهد الإصلاحات الجديدة صودرت أملاك الإقطاع , ومع أن الملك " أمنمحات " أعاد لسنوحي ضياعه وأملاكه آثر سنوحي , وقد أدرك التغيير , أن يبقى في طيبة , لكنه أخذ يبحث لابنه عنةدور في البلاط يجنبه المفاجأت .


( إن شر الدواب في هذا العالم النبيل الشريف الذي أخنى الدهر عليه , وسلبه أسباب نعمته ,وهي الدعائم التي يبنى عليها نبله وشرفه , هذه هي الحقيقة حلوة كانت أو مرة فلا تحسبن يا سنوحي الصغير أن النبل والشرف خلق يورّث أو طبع يمتاز به أناس , ولا هو دم زكي يجري في عروق دون عروق , بل هو الشرف في كل عصر وفي كل بلد يتألف من أرض وطين , ومن بقر وغنم وحمير , وما يتبع ذلكمن مواد وغلاّت وبيوت ومنشآت )

هذه سطور من وصية سنوحي الأب لسنوحي الإبن ولهذا صار لسنوحي بمساعي أبيه وحكمته , مقام في البلاط وجَعل في خدمة " نفرو" زوجة "سنوسرت " الملك الصاعد القوي.


وفي القصر يميل سنوحي إلى " آني " وزوجته " نورا" الليبية و" آني " منافس على العرش لأنه لو طبقت الشرائع المقدسة التي كانت جارية لكانت تسميه " هو" لا " سنوسرت" ملكاً , لكن إرادة " أمنمحات " التغييرية شاءت ما كان .


هذا الميل من سنوحي " لآني "جعله يفكر في الهرب عندما وردت أنباء موت " أمنمحات " الغامضة , وقدّر سنوحي وراء هذا الموت مؤامرة قد يكون " لآني " وزوجنه " نورا" يد فيها ...

لقد عبر سنوحي عن لحظة الفرار بجمل دقيقة وراءها مخاوف الشبهة :

(لقد كنت واقفا على بعد قريب جداً حين أقبل الرسول , فسمعت صوته, وهو يبلغهم الرسالة , فإذا قلبي يضرب , وذراعاي تتراخيان , والفزع يدبّ في أعضائي جميعها , وما لبثت أن عدوت موليّاً وجهي شطر الجنوب أنشد الفرار , إذ قدّرت أن فتنة سوف تقع في مصر وأنني لن أطمح في أن أعيش بعدها .)


يصف سنوحي طريق التخفي في مصر متحولاً من جزيرة إلى أخرى ومختبأً خلف شجر الجميز وبين الصخور ومعتصماً بالقلاع المشيّدة لصيد الأسيويين والبدو الطامعين حتى إذا ما وصل إلى جزيرة " كم أود" فيما يعرف اليوم" بالبحيرات المرة " يسقط من الإعياء والعطش إلى درجة الهلاك, أوكما عبّر هوبدقة:
( أنذاك هوطعم الموت)


ويسوق القدر لسنوحي بعد هذه المشقةشيخ قبيلةعارفاً بشؤون المصريين , فيعيد إليه آمقه بمائه ولبنه , ويتحول " سنوحي " من بلد إلى بلد ليستقر به المقام في كنف حاكم " رتنو" . أي سورية العليا اليوم وكان اسمه " منشي بن آمو" وقد أخذ هذا الحاكم بيد الغريب , وسكّن مخاوفه . ( ستكون معي وستسمع أخبار مصر )

ويحاول " سنوحي " أن يسرد على مسامع مولاه الجديد قصة فيها بعض الغموض عن فراره يركز فيها أنه لم يكن مشيّعاً بلعنة كبيرة
( ومع ذلك لم يبصق أحد في وجهي , ولا تلقيت عبارة ملام ولا سَمه اسمي من المادى مقترناً بأي اتهام , وما أدري ما الذي ساقني إلى تلك البلاد , لكأنما هو قدر من رع العظيم)

ولم ينسى " سنوحي أن يشيد بقوة الملك الفرعوني وبأسه وحكمته ورجاحة رأيه وحظوته من الشعب وأخلاقه في التعامل مع الموالين إليه , ويوحي لمولاه أن يمد له يداً...

ثم يتحدث " سنوحي " عن مآله في الأرض الجديدة إذ صوّر ابتسام القدر له بدءاَ من زواجه من ابنة الملك وازدياد أملاكه وتأميره على الجيش وإسناد المهام الأميرية له مقدماً على أبناء الحاكم السوري وسائو مواده.

الحنين في ذروة الانتصار :

وفي ذروة الاستقرار والتمكن من موقعه تهب عليه نسمة مفاجئة , لم يستطع أقوى أبطال " رتنو" أن يطيق " سنوحي " الغريب , وهو يتقلب في كل هذه النعم , ويتسنم هذه الخطوة في تلك البلاد , وعندما يغمز هذا الحسود من قناة " سنوسرت" لم يستطع " سنوحي " إلا أن يستجيب لاستفزازه , ويستعد للتحدي , ولم يكن أمام الآخر إلا أن يحكم المبارزة , على الرغم أن "سنوحي " لم يقدم لمتحديه أية إساءة من قبل , فهو لا يتهرب من قدره لأن أخلاق الفارس ترفض الانسحاب , ويصف " سنوحي" مشهد المبارزة بدقة:

( وإذا عدوي يرفع درعه وفأسه وحزمة من سهام طفق بقذفي بها , فتركته حتى استنفذ أسلحته الواحد تلو الآخر , وأنا أتجنب سهامه , فتمر طائشة بي , وعندما لم يبق معه شيء اقترب كل منا من غريمه ,وكان يظن أنه يصيبني , فهجم علي , ولكني قذفته بسهم استقر في عنقه , فارسل صيحة عظيمة , ثم انكب على وجهه فاجهزت عليه بقأسه)

وأضاف انتصار" سنوحي " إليه أملاكاً جديدة ورسوخاً أكثر في البلاط , وغدا له مزيدا من البيوت الفخمة والعبيد , وأضحى ملاذ المحتاجين ومجير الفارين , وعلماً لا يتجاهله أحداً في المملكة لكن جوّانيته بدل أن تستسلم للنصر , وتتمكن في الأرض كانت تتوق إلى شيء آخر , لقد استيقظت في أعماقه طفلة الحنين إلى الوطن الأول.

( يا رب يا من قدرت علي ذلك الفرار , كن رحيماً بي , وأعدني إلى بلادي , هلاّ قدرت لي أن أرى البقعة التي يحن فؤادي إلى العيش فيها؟
هل من شيء أحب لدي و أعظم عندي من أن يدفن جسدي في الارض التي ولدت فيها ؟ألا أشفق علي يا رب)

ثم يتابع " سنوحي " ابتهاله

( هل لملك مصر أن يكون رحيماً بي فأعيش في ظلال كرمه , وأن يأذن لي برعاية شؤون سيدة البلاد التي تسكن في مصر وأسمع أوامر بنيها ؟ لقد تعب قلبي وحانت ساعة الوداع , وما أسرع ما أنتقل إلى المدينة الأبدية , فهل لي أن أكون في خدمة الآلهة" نبرجر" وأن تكون لي كما أريد سيدة الأبدية ؟)


الاستجابة السماوية:

وتصل مسامع الملك أخبار " سنوحي" ويقف على تضرعاته فيرسا إليه من يدعوه للعودة , فيحس أن السماء راضية عنه , فها هو رسول الملك يحمل إليه رغبته وتسامحه:


( من **** الحي دائماً صاحب السادتين , ملك الشمال زالجنوب ...سنوسرت بن رع وابن أمنمحات الذي يحيا إلى الأبد)

وفي الرسالة إغراءات كثيرة أهمها الظفر بالمراسم الملكية في موته ودفنه .

( ولسوف يعد لك في يوم الدفن موكب كبيرإلى القبر ويوشّى نعشك بالذهب ويكون لك قناع من لازورد ,وتظللك نوت آلهة السماء ,ولسوف توضع على زحافة الموكب , فيتحرك الثيران , ويتقدمك المنشدون ,وتؤدى من أجلك رقصة الموت عند باب القبر , ولسوف تتلى أدعية القربان من أجلك وتنحر الأضاحي , نصبك الجنائزي)


وتأخذ " سنوحي " فرحة يصعب وصفها بهذه المنح الإلهية , ويحاول التعبير من خلال رسالة الرد ذات الطابع الوجداني , والعاكسة لمشاعر الولاء و الامتنان والتبعية , ويستمهل رسول الملك يوما واحداً يتهيأ بعده لتنفيذ المشيئة الملكية , ويكون له ذلك , ثم يسلم نفسه لمراسم العودة والاستقبال والمثول بين يدي مليكه وولي نعمته القديم , وها هو يصف لحظة وقوفه أمامه في قاعة الذهب :

( فخررت بين يديه ساجدا , وفقدت وعيي في محضره , ومع أن ذلك الإله خاطبني في دعة ورفق , إلا أنني كنت كرجل خرج من الظلمات إلى النور , فخارت نفسي , وارتعدت فرائصي , وهوى قلبي , فما عدت أحس به في صدري , وما دريت : أحي أنا أم ميت )

وبعد أن شجع الملك " سنوحي على الكلام وطمأنه قدمه للملكة وأبنائها , ويرصد " سنوحي حواراً مراسمياً جرى بين الملك من جهة , وأبنائه من جهة أخرى , حيث يرفع الأبناء القلائد والصوالج والجلاجل إلى جلالة الملك الأب ويقولون معاً :

( امنح الحياة لهذا المسكين ,ودعنا نحتفل بهذا العيد , دعنا نحتفل بالأمير ابن الشمال , هذا الذي ولد في مصر , إنه ما حمل نفسه على الفرار إلا خوفاً منك , هجر وطنه لأنه امتلأ منك رعباً , أيمكن للوجه الذي تطلع إلى محياك أن يتحمل شحوب الخوف ؟ )

ويأتي الرد الملكي الرصين :

( ألا لا خوف عليه ولا هو يحس رعباً , ولسوف يكون سميراً لي , ويعين بين ضباط البلاط , دعوه يذهب إلى قاعة الاستقبال حيث يبين له مركزه وترتيبه طبقاً للنظم والمراسيم )

وتتحقق الاشارة الملكية في اللباس والأثاث والعطور وإنشاء هرم من حجر من أجله , وتنحت له التماثيل , ويعد له الضريح في ممو قرب الهرم , ويعين من أجله كهنة جنائزيون , وتغرس له حديقة على حافة الصحراء, وكذا تنظم حقول وحدائق في زحام المدينة من أجله , ويوشّى تمثاله بالذهب والفضة , كل ذلك تم بارادة الملك ومباركته .


ويكتب " سنوحي الجملة الاخيرة من رحلته وسيرته :

( وإني لأحظى الآن بما يناله سمير الملك من عطف , وسيظل هذا النعيم حتى يأتي يوم النزول إلى الغرب , إلى مدينة الأموات )

تروي أن: "الملاح الذي حطمت سفينته" قطعة من ترجمة ذاتية لحياة ملاح تفيض حياة وشعوراً. ويقول هذا الملاح القديم في أحد سطورها قولا يذكرنا بقول دانتي: "ما أعظم سرور من يقص ما وقع له حين ينجو من كارثة حلت به!". يقول هذا الملاح في مطلع هذه القصة: "سأقص عليك شيئا حدث لي حين يمت شطر مناجم الملك ونزلت البحر في سفينة طولها مائة وثمانون قدما وعرضها ستون ، وفيها مائة وعشرون من صفوة الملاحين المصريين ، خبيرين بمعالم الأرض والسماء ، وقلوبهم أشد بأسا.... من قلوب الآساد ، يتنبأون بأعاصير البحر وعواصف البر قبل أن تثور. وهبت علينا عاصفة ونحن لا نزال في البحر .... ودفعتنا الرياح حتى كنا نطير أمامها .... وثارت موجة علوها ثمان أذرع .... ثم تحطمت السفينة ، ولم ينج أحد ممن كان فيها ، وألقت بي موجة من أمواج البحر في جزيرة ، قضيت فيها ثلاثة أيام بمفردي لا رفيق لي إلا قلبي ؛ أنام تحت شجرة وأعانق الظلال ؛ ثم مددت قدمي أبحث عما أستطيع أن أضعه في فمي ، فوجدت أشجار التين والكروم وجميع صنوف الكُرّات الجميل .... وكان فيها سمك ودجاج ولم يكن ينقصها شيء قط .... وبعد أن صنعت لنفسي جهازاً أوقد به النار أشعلتها وقربت للآلهة قرباناً مشويا".

وتروي قصة أخرى مغامرات سنوحي ، وهو موظف عام فرّ من مصر على أثر وفاة أمنمحات الأول ، وأخذ يتنقل من بلد إلى بلد في الشرق الأدنى، وحظي فيها بضروب من النعيم والشرف ، ولكنه رغم هذا لم يطق صبراً على ما حلّ به من آلام الوحدة والحنين إلى وطنه. وبرح به الألم آخر الأمر حتى ترك ثروته وعاد إلى مصر وقاسى في طريقه إليها كثيرا من الشدائد والأهوال. وقد جاء فيها:

"ألا أيها الإله، أيا كنت ، يا من قدّرت عليّ هذا الفرار ، أعِدْني إلى البيت (أي الملك). ولعلك تسمح لي أن أرى الموضع الذي يقيم فيه قلبي. وأي شيء أعظم من أن تدفن جثتي في الأرض التي ولدت فيها؟ أعنّي على أمري! وليصبني الخير ، وليرحمني اللّه!".

ثم نراه بعدئذ وقد عاد إلى وطنه، متعبا، يعلوه العثير من طول السفر في الصحراء، يخشى أن ينتهره الملك لطول غيابه عن بلد يراه أهله- كما يرى الناس بلادهم في سائر الأزمان- البلد المتحضر الوحيد في العالم. ولكن الملك يعفو عنه ويحسن استقباله ويحبوه بكل أنواع العطور والأدهان:

"وأقمت في بيت أحد أبناء الملك، حيث توجد أفخر ضروب الأثاث، وكان فيه حمام....وزالت عن جسمي آثار السنين الطوال؛ وقص شعري، ومشط، وطرح في الصحراء حمل (من الأقذار؟) وأعطيت الملابس (القذرة) لروّاد الرمال. وجيء لي بأرق الملابس الكتانية وعطّر جسمي بأحسن الزيوت".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://stars.canadian-forum.com
 
قصة سنوحي 2
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة سنوحي 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات شموع الأصدقاء :: منتديات ادبية :: قسم القصص-
انتقل الى: